سائح في دنيا الله

إن كتابي هذا ليس كتابا في أدب الرحلات بقدر ما هو كتاب تأملات في أحوال البشر في كل مكان.. يحمل ملامح من حيرتي الأبدية وتطلعي القديم منذ الصغر لأن أعرف العالم من حولي ابتداء من عالمي المحدود في سن الطفولة.. إلى دنيا الله الواسعة التي خرجت إليها فيما بعد، وأدركت أننا لم نكتشف منها حتى الآن سوى كوكب الأرض الصغير.. الذي لا يعدو أن يكون نقطة صغيرة كرأس الدبوس في بحر الكون الفسيح..

وفي كل سياحة لي في المكان أو الزمان.. أو بحر المعرفة تتردد في أعماقي دائما كلمة الإمام علي بن أبي طالب:

(آه من قلة الزاد.. وبعد السفر.. ووحشة الطريق!)

ومع أن إمام المتقين كان يعني بالسفر: الرحلة الأخيرة إلى عالم الخلود.. ويتأوه من قلة زاده استعدادا لها، وهو من هو فضلا وتقى.. فإني أتذكرها دائما في رحلات السفر الدنيوية.. وأشفق على نفسي من تخيل قلة زادي استعدادا لهذه الأسفار الصغيرة.. فما بالي بالرحلة الكبرى التي لو لم تدركنا جميعا رحمة الله.. لشققنا الجيوب ولطمنا الخدود.. أسفا لقلة الزاد وبُعد السفر ووحشة الطريق!!!

عبد الوهاب مطاوع